صحيح أن سرعة الهبوط ربما تكون قد تباطأت مقارنة بمطلع الأسبوع، ولكن عملات الأسواق الناشئة لم تتوقف عن إظهار ضعفها في وقت مبكر من صباح اليوم الخميس. ففي وقت كتابة هذه السطور، كان الانخفاض مهيمنًا على البات التايلاندي والرينجت الماليزي واليوان الصيني والروبية الإندونيسية والروبية الهندية. وفي الحقيقة فإن الروبية الهندية قد هبطت بنسبة 0.6% لتصل إلى مستوى منخفض قياسي جديد خلال الجلسة، حيث بلغت الروبية أضعف مستوى تصل إليه على الإطلاق وفقًا لبيانات بلومبرج والتي تعود إلى بداية عام 1973. ويرتبط ضعف الروبية ارتباطًا كبيرًا بقوة الدولار الأمريكي والتي تؤثر تأثيرًا سلبيًا شديدًا على عملات الأسواق الناشئة، ولكن القلق بشأن اجتماع تم عقده هذا الأسبوع في نيودلهي بين مسؤولين هنود ومسؤولين من وزارة التجارة الأمريكية من أجل تهدئة التوترات التجارية قد أثر أيضًا على المعنويات المحلية. ويبدو أن معنويات المستثمرين قد تأثرت أيضًا بالتكهنات بأن الولايات المتحدة قد طلبت من الهند تقليل اعتمادها على النفط الإيراني.
وهناك عامل آخر يؤثر تأثيرًا سلبيًا على المعنويات تجاه الأسواق الناشئة وهو التحول الإيجابي في زخم الدولار الأمريكي على مدار جلسات التداول الأخيرة. وكان الدولار الأمريكي قد حاول معاودة تحدي أعلى مستوياته في 2018 بعد تكهنات انتشرت أمس الأربعاء بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ربما يتبنى لهجة أقل حدة مع الصين. وكانت التقارير التي أفادت أن الولايات المتحدة لن تفرض قيودًا على الاستثمارات الصينية في شركات التكنولوجيا الأمريكية قد قوبلت في البداية بتفاؤل بأن الحديث عن حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين، أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، سوف يتوقف. ولكن هذا التفاؤل تحطم سريعًا بعد أن قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلو إن النهج الأخير للإدارة الأمريكية تجاه الصين لا يجب النظر إليه باعتباره تراجعًا.
ومن المرجح أن تؤكد تصريحات كودلو أنه ما تزال هناك أجواء من الإحجام ع المخاطرة في أرجاء أسواق التداول. ويعني ذلك أن أسواق الأسهم العالمية من المرجح أن يغشاها الحرص والحذر في ظل أن تراجع الإقبال على المخاطرة يؤدي إلى تشجيع التراجع المستمر في زخم الشراء لعملات الأسواق الناشئة. فمنذ بداية العام وحتى اليوم، لم يكن هناك سوى عملتين فقط من عملات الأسواق الناشئة اللتان قد ارتفعتا أمام الدولار الأمريكي وهما البيزو الكولومبي والرينجت الماليزي. ولكن المكاسب التي حققها الرينجت الماليزي هذا العام قد تضاءلت مع ارتفاع الدولار حيث أصبح ارتفاع الرينجت الماليزي أمام الدولار الأمريكي أقل من 0.2% فقط. وهناك احتمال بأن البيزو الكولومبي سيكون الأسبوع القادم هو العملة الوحيدة من عملات الأسواق الناشئة التي ارتفعت أمام الدولار الأمريكي هذا العام.
ويذكر أن المخاوف بشأن ضعف الأسواق الناشئة من الطبيعي أن تطرح أسئلة حول ما إذا كان البنك المركزي سيتدخل في السوق لحماية عملة بلده. ويمكن أن يحدث ذلك في صورة التدخل المباشر في سوق الصرف الأجنبي أو عن طريق رفع أسعار الفائدة في محاولة لإعادة جذب المستثمرين من جديد إلى سوق ذلك البلد. ومع ذلك، لا يجب التهوين من أن ما نشاهده في سوق الفوركس هو ارتفاع للدولار الأمريكي بشكل شامل في كافة أرجاء السوق. ويعني ذلك أن الارتفاع في قيمة الدولار الأمريكي هو العامل الأساسي وراء ضعف الأسواق الناشئة، كما أن ضعف عملات الأسواق الناشئة ينعكس على نظيراتها.
وهناك تكهنات مرتفعة بأن البنك المركزي الإندونيسي قد يقوم برفع أسعار الفائدة مرة أخرى قبل نهاية اليوم من أجل منع الروبية من الهبوط لمستويات تاريخية أخرى أمام الدولار الأمريكي. وكان المتداولون قد تجاهلوا في السابق كل زيادات أسعار الفائدة التي أقرها البنك المركزي الإندونيسي، وإنني أشعر أن هناك مخاطر بأن قيام أي بنك مركزي من بنوك الأسواق الناشئة برفع أسعار الفائدة سيؤدي إلى تشجيع حدوث تأثير قريب المدى على عملة بلد ذلك البنك فحسب.
وطالما ظل شراء الدولار الأمريكي هو الاتجاه السائد في سوق الفوركس، لن يكون هناك الكثير أمام الأسواق الناشئة لتفعله لإيقاف ضعف عملاتها. وأي توقف في ضعف عملات الأسواق الناشئة في الفترة المقبلة يمكن أن يكون أيضًا مجرد أمر مؤقت.
تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.