كان قيام البنك المركزي في كل من تركيا وروسيا الأسبوع الماضي برفع أسعار الفائدة سببًا للتفاؤل بأن هذا التحرك من شأنه أن يشجع المستثمرين على الاستثمار في الأسواق الناشئة، ولكن هذا التفاؤل قد بدأ ينفد في مستهل هذا الأسبوع. فقد شهد عدد من عملات الأسواق الناشئة انخفاضًا أمام الدولار الأمريكي في وقت مبكر صباح اليوم بسبب وجود عدد من أوجه الغموض الخارجية التي تدفع المستثمرين للامتناع عن شراء عملات الأسواق الناشئة عند مستوياتها الحالية.  

وبسبب عدم إمكانية التنبؤ بأوجه الغموض الخارجية حول عوامل مثل التوترات التجارية، من الصعب تصديق أي أنباء تفيد أننا قد اقتربنا من نقطة تحول بالنسبة للأسواق الناشئة. فأوجه الغموض الخارجية ما تزال قوية، وإلى أن تظهر مؤشرات تدل على أن هذا الغموض قد اختفى من الأجواء، من المرجح أن يفضل المستثمرون الالتزام بنهج بالغ الحذر فيما يتعلق بالعملات التي تنتمي إلى أصول الأسواق الناشئة.

وتعتبر الروبية الهندية مثالاً جيدًا لعملة تواجه ضغوطًا بشكل مستمر بسبب عوامل الغموض الخارجية. وقد كانت الروبية الهندية واحدة من أبرز العملات التي شهدت تحركًا كبيرًا في مستهل الأسبوع حيث كانت منخفضة بأكثر من 1% في لحظة كتابة هذا التقرير لتقترب كثيرًا من مستواها التاريخي المنخفض الذي سجلته مؤخرًا أمام الدولار الأمريكي. وقد جاءت الضغوط على الروبية الهندية على الرغم من أن السلطات الهندية تتخذ إجراءات عديدة للحيلولة دون تعرض العملة لمزيد من الهبوط ولكن صعوبة التنبؤ بالعوامل الخارجية المختلفة التي تؤدي لإضعاف إقبال المستثمرين على الأسواق الناشئة بوجه عام تمنع الروبية من أن تشهد فترة من التعافي والانتعاش.

ومما لا شك فيه أن أحد أهم العوامل التي تسهم في بيئة الغموض الخارجي يتمثل في الرسالة المتباينة فيما يتعلق بوضع محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين. وقد ظلت التقارير المتضاربة بشأن تلك المحادثات موضوعًا مهمًا خلال عطلة نهاية الأسبوع حيث تم نشر تقارير أفادت من ناحية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعطى الضوء الأخضر لفرض المزيد من الرسوم الجمركية على الصين، وقد قوبلت هذه التقارير بتقارير أخرى تفيد بأن الصين تدرس رفض عرض واشنطن لاستئناف المحادثات.

وبالتأكيد فإن ذلك يعني للمستثمرين أننا لسنا قريبين بأي شكل من الأشكال من باب "الخروج" فيما يتعلق بغموض التجارة الذي طال أمده. ونتيجة لذلك، لن يكون الأمر من قبيل المفاجأة إذا ظل المستثمرون يفضلون "عدم الإقبال على المخاطرة" خلال التداول هذا الأسبوع. 

ويعتبر الراند الجنوب أفريقي أحد العملات التي من المنتظر أن تظل متقلبة خلال الأسبوع. فالراند ليس فقط حساسًا لأوجه الغموض الخارجية المختلفة التي تؤثر تأثيرًا سلبيًا على أصول الأسواق الناشئة وإنما هناك أيضًا بعض التكهنات بأن اجتماع السياسة النقدية الذي سيعقد في وقت لاحق من هذا الأسبوع يمكن أن يشهد تغييرًا في سياسة أسعار الفائدة بجنوب أفريقيا.

وفي الحقيقة فإن البنك المركزي الجنوب أفريقي في وضع لا يحسد عليه. فالراند هو أحد العملات التي تتأثر بشدة بالعوامل الخارجية التي تحدث بعيدًا عن جنوب أفريقيا، ولكن الأنباء التي أفادت أن الاقتصاد قد دخل مرحلة الكساد لأول مرة منذ عام 2009 تعتبر مؤشرًا إلى أن البنك المركزي الجنوب أفريقي يجب عليه النظر في خفض أسعار الفائدة. وتكمن المشكلة في أنه إذا قام البنك المركزي الجنوب أفريقي بخفض أسعار الفائدة في وقت لاحق هذا الأسبوع فإن ذلك يمكن أن يؤدي لزيادة الضغوط التضخمية في جنوب أفريقيا.

وأخيرًا فإن الجنيه الإسترليني سيكون هو الآخر معرضًا للتقلبات طوال هذا الأسبوع. فمن المنتظر أن تدخل رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي جولة جديدة من محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي والتي تستمر على مدار الأسبوع، وكان الجنيه الإسترليني قد أظهر في مناسبات مختلفة في الأسابيع الماضية أنه ما يزال شديد التأثر بمحادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وإذا تصاعدت المخاوف من أن بريطانيا تتجه إلى الانفصال بشكل كامل عن الاتحاد الأوروبي، لن يكون من المستغرب عندئذ هبوط زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي مرة أخرى إلى أدنى من مستوى 1.30 هذا الأسبوع.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.