بعد حالة ترقب طويلة في الأسواق، قرر بنك الاحتياطي الفدرالي خفض أسعار الفائدة بمعدل 25 نقطة أساس، خلال اجتماعه الأربعاء الماضي لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية التي ألمّت بالاقتصاد العالمي عام 2008. كما أعلن البنك المركزي عن إنهاء تخفيض الميزانية العمومية فوراً، والذي كان من المتوقع أن يتم في سبتمبر المقبل. وعادةً ما يكون الهدف من السياسات المالية الميسرة رفع قيمة الأصول التي تحمل مخاطر استثمارية، وخفض قيمة العملة إلا أن رد الفعل في الأسواق المالية جاء معاكساً للتوقعات بعد قرار الاحتياطي الفدرالي. وارتفع الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته منذ عامين مقابل اليورو، وعانت الأسهم من خسائر حادة عقب المؤتمر الصحفي الذي عقده جيروم باول، رئيس المجلس الاحتياطي الفدرالي.

ما الذي أدى إلى هذه النتائج؟

كان خفض أسعار الفائدة متضمناً بالكامل في أسعار الأصول قبل بدء اجتماع السياسة المالية الذي عقد أمس. وكانت بعض الجهات المشاركة في السوق تتوقع خفض أسعار الفائدة بمعدل 50 نقطة أساس ولكن الإرشادات المسبقة هي التي تسبب حالة عدم الرضا التي سادت السوق.

وقال جيروم باول: "أود أن أوضح أن هذا التخفيض لن يكون بداية سلسلة طويلة من تخفيض أسعار الفائدة". وكان المستثمرون يتوقعون بداية سياسة تيسير تمتد لما بعد عام 2020،  ولكن ذلك لم يكن ما عناه رئيس الاحتياطي الفدرالي. وفي حين أن باول لم ينفي احتمال تخفيضات إضافية على أسعار الفائدة، فإنه لا يرى في القرار الذي اتخذه المجلس يوم الأربعاء بداية لدورة تيسير ممتدة، بل أوضح أن هذا القرار يأتي بمثابة تعديل على السياسة في منتصف مدة الدورة الحالية. وأدى هذا المؤتمر الصحفي إلى زيادة حالة الحيرة، ما دفع الأسواق إلى محاولة توقع الخطوات التالية.

ويشير تصويت عضوين في المجلس الاحتياطي الفدرالي، إريك روزينجرين وإيستر جورج، ضد قرار اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة إلى عدم وجود إجماعٍ على تقييم باول للوضع الاقتصادي، وإذا ازداد عدد المعارضين لقرار المجلس، فقد يشكّك ذلك في استقلالية البنك المركزي.

قد يكون الخبر الجيد سيئاً!

يبدو أننا نعود إلى مرحلة تؤثر الأخبار الجيدة بشكل سلبي على أداء الأسهم، إذ تُشير أداة متابعة الاحتياطي الفدرالي من شركة ’سي إم إي‘ إلى وصول نسب توقع الأسواق لاحتمال خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر في سبتمبر المقبل لنسبة 54%، وهي نسبة التوقعات التي قد تزيد أو تنقص حسب البيانات الاقتصادية المستقبلية. ويمكن أن يؤدي تحسّن مفاجئ في تقرير الوظائف غير الزراعية المرتقب يوم الجمعة إلى خفض التوقعات بزيادة التيسير في اجتماع لجنة السوق المفتوحة في سبتمبر، وخاصة إذا تخطى نمو الرواتب توقعات السوق. ولذا من المتوقع أن تحمل الأخبار الجيدة في البيانات الاقتصادية المرتقبة غداً تأثيرات سلبية على أسواق الأسهم والعكس صحيح.

بنك إنجلترا يواجه مهمة أصعب وأكثر تعقيداً

تتوجه الأنظار اليوم إلى بنك إنجلترا والجنيه الإسترليني، إذا تقع على عاتق مارك كارني مهمة أكثر صعوبة من رئيس الاحتياطي الفدرالي، نظراً إلى أن الموعد النهائي لاتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد ثلاثة أشهر. ونظراً لزيادة احتمالات خروج بريطانيا دون اتفاقية من الاتحاد الأوروبي بشكل كبير، فإن افتراض تطبيق سياسة تشديد نقدية بشكل تدريجي لن يكون منطقياً.

ولن تُعتبر توقعات بنك إنجلترا للنمو والتضخم دليلاً مؤثراً على الحركة المستقبلية لأسعار الفائدة، ما لم يتم طرح هذه التوقعات في سياقين يشملان التوصل أو عدم التوصل إلى اتفاق. وبشكل عام، نتوقع أن تبقى أسعار الفائدة عند 0.75% وأن يتصدر موضوع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على المؤتمر الصحفي الذي سيعقده كارني. وإذا لم يؤكد بنك إنجلترا على الحاجة إلى تشديد السياسات المالية، فإنه من المتوقع أن يستمر تراجع الجنيه الإسترليني.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.