شهدت سوق الأسهم الأمريكية يوم الأربعاء واحداً من أسوأ أيامها خلال العام الجاري، حيث انخفض مؤشر ’ستاندرد آند بورز 500‘ بمعدل 2.93% بعد صدور بيانات مخيبة للآمال من الصين وألمانيا، زادت من احتمالات حدوث تباطؤ في الاقتصاد العالمي. إلا أن علامات التحذير التي بدرت عن سوق السندات، كانت المسبب الرئيسي لهذا المستوى من عمليات البيع.
وأشارت عناوين الأخبار المالية مؤخراً إلى الأهمية البالغة لانقلاب منحنى العائدات بالنسبة للأسواق المالية العالمية. ويحدث منحنى العائدات المقلوب أو السلبي عندما تحقق السندات قصيرة الأمد عائدات أكبر من مثيلاتها طويلة الأمد، أي أن معدلات الفائدة طويلة الأمد تقلّ عن مثيلاتها قصيرة الأمد.
هذا وقد انقلب جزء من منحنى العائدات كلياً منذ مايو، عندما أصبحت عائدات السندات المستحقة بعد 10 أعوام أدنى من سندات الخزينة المستحقة بعد 3 أشهر. ولم تأخذ الأسواق هذا الانقلاب على محمل الجدّ، إذ اعتبرت الاختلالات الناتجة عن السياسات المالية العالمية وبرامج التيسير الكمي ومعدلات الفائدة السلبية عوامل أسهمت في هذا الانقلاب. لكن الأسواق دخلت في حالة من الاضطراب حين انخفضت عائدات السندات المستحقة بعد 10 أعوام عن عائدات السندات المستحقة بعد عامين يوم أمس، معلنةً بدء العد التنازلي للركود الاقتصادي.
دائماً ما كان منحنى العائدات ينقلب قبل حدوث ركود خلال الأعوام الخمس الماضية، ليتبعه الركود خلال 12 و18 شهراً من الانقلاب، مع اختلاف طفيف في الظروف بين حالة وأخرى.
لكن المثير للاهتمام هذه المرة هو الوتيرة السريعة لانخفاض معدلات الفائدة طويلة الأمد، إذ انخفضت عائدات السندات المستحقة بعد 10 أعوام بمعدل 24% خلال 14 يوماً فقط، كما أنها المرة الأولى في التاريخ التي يتم تداولها بمستوى أدنى من 2%، بالرغم من توقف الاحتياطي الفدرالي عن تشديد السياسات المالية وتخفيضه لمعدلات الفائدة، الأمر الذي كان يفترض أن يحقق أثراً عكسياً على معدلات الفائدة طويلة الأمد.
ورغم حصول المستثمرين على عائدات سنوية بمعدل 1.98% عند الاحتفاظ بالسندات المستحقة بعد 30 عاماً إلى حين استحقاقها، غير أن العائدات الفعلية ستكون سلبية إذا ما أخذنا التضخم بعين الاعتبار، ما يعتبر تأثيراً بالغ السوء بالنسبة لصناديق التقاعد وبعض شركات التأمين الملزمة بالتعرض لمخاطر السندات طويل الأمد.
لكن بما أنها المرة الأولى التي نشهد فيها منحنى العائدات السلبي في إطار انخفاض معدلات الفائدة إلى هذا الحد، فإنه يصعب علينا تحديد عواقبه على الاقتصاد العالمي، لكن الوضع بدون شك مقلق للغاية. إذ أشار بنك نيويورك الاحتياطي الفدرالي إلى احتمال دخول الولايات المتحدة الأمريكية في حالة ركود اقتصادي بنسبة 30% خلال 12 شهراً المقبلة وفقاً لمؤشر احتمال الركود الذي يعتمده.
ولا بد من الإشارة إلى أن تداول الأوراق المالية لا يزال مرتفعاً بعد انقلاب منحنى العائدات، لكن يتوجب على المستثمرين الحذر نظراً لاختلاف الظروف هذه المرة. ويتجنب المستثمرون في هذه الظروف قطاع البنوك، فهي تقترض من المودعين على المدى القصير وتُقدّم القروض على المدى الطويل. لكنها تكون عاجزة عن تحقيق الأرباح عندما ينقلب منحنى العائدات وبالتالي لا يكون لديها ما يكفي من المحفزات لتقديم القروض، ما يؤدي إلى تشديد أسواق الائتمانات في نهاية المطاف.
ولا يمكن توقع موعد بداية التوجه الهابط في السوق، لكن ما لم تتوصل الولايات المتحدة الأمريكية والصين إلى اتفاقية تجارية قريباً فإن احتمالات حدوث ركود اقتصادي مرتفعة للغاية، وبالتالي يستحسن في هذه الفترة اللجوء إلى النقد والذهب.
تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.