مع بقاء أقلّ من شهر على موعد مغادرته للمكتب البيضاوي في البيت الأبيض، أطلق الرئيس ترامب مفاجأة للأسواق بتهديده بعدم التوقيع على حزمة الإعانة المالية لأزمة كوفيد-19 التي طال انتظارها والتي استغرقت عدة أشهر للتوافق عليها داخل الكونغرس. غير أنّ الرئيس الأمريكي لم يُصرّح بأنّه سيُعارض إصدار التشريع بالمُطلق، بل طالب بزيادة الدفعات المباشرة التي سيحصل عليها الأمريكيون من 600 دولار أمريكي في مشروع القانون الحالي إلى ألفي دولار أمريكي.

وكانت حزمة الإعانة المالية بقيمة 900 مليار دولار أمريكي، والتي من المقرر أن توزع على الأفراد والشركات إلى جانب غيرها من الموارد الضرورية للغاية لبدء التلقيح في الدولة، بمثابة أمر محسوم قبل 24 ساعة مضت، لا سيما وأنّ وزير الخزانة الأمريكي وإحدى الشخصيات البارزة في إدارة ترامب، ستيفن منوتشين، أشاد بالاتفاق على الحزمة يوم الثلاثاء وأكّد على ضرورتها بالنسبة للموظفين والعائلات والشركات في مختلف أنحاء أمريكا.

وسُرعان ما تعافت العقود الآجلة الأمريكية بعد الخسائر الطفيفة التي لحقت بها جراء انتشار الخبر، واستقرت المؤشرات الرئيسية الثلاثة عند مستويات أدنى بقليل من منحنى الاستقرار عند تاريخ كتابة هذا التقرير. ويعكس رد فعل السوق الاعتقاد السائد بأنّه سيتم تعديل مشروع القانون وتوقيعه خلال الأسابيع المقبلة. ومن ناحية أخرى، أعرب الديمقراطيون عن موافقتهم على الزيادة في دفعات الحزمة ولكن ضمن مشروع قانون منفصل.

وربما حملت السلالة الجديدة والأسرع انتشاراً من الفيروس، والتي ظهرت في المملكة المتحدة وألغت خطط الاحتفال بعيد الميلاد لدى الملايين، قدراً أكبر من المخاطر حيال اتجاهات السوق. ويبقى ذلك رهناً بمعدل انتشارها خلال الأيام والأسابيع المقبلة، لا سيما وأنّ العلماء يعملون جاهدين لفهم سلوكها. وتتميز المرحلة الحالية بالأسئلة أكثر من الإجابات؛ فهل سيثبط الفيروس المتحول الجديد من فعالية اللقاحات؟ وما مدى الانتشار الذي سيحققه؟ هل يُعتبر الفيروس المتحول الجديد فتاكاً أكثر من سابقه؟ هل ينتشر بشكل أكبر في أوساط الأجيال الشابة؟ وسيبقى من الصعب تحديد مدى تأثير السلالة الجديدة على الاقتصاد ما لم نحصل على جميع الإجابات على هذه التساؤلات.

وبرغم التحديات الماثلة أمامنا، كان الطلب على الدولار الأمريكي كملاذ آمن محدوداً للغاية لغاية يوم الأربعاء. وانخفضت قيمته أمام نظيراته من العملات الرئيسية، مع تجاوز قيمة زوج الجنيه إسترليني/دولار أمريكي لحاجز الـ 1.34 نقطة. وكان الاتحاد الأوروبي قد وصل إلى المراحل النهائية من المفاوضات مع المملكة المتحدة، ومع بقاء قيمة الجنيه الإسترليني حول مستوياتها الحالية، يبدو بأنّ المتداولين متفائلين بنتيجة إيجابية لاتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومن جانب آخر، نتوقع إسهام الأخبار المتضاربة في زيادة معدلات التقلب في قيمة الجنيه الإسترليني لغاية اطلاعنا على النتيجة النهائية. وستبقى الآثار السلبية لما سبق أكبر من آثاره الإيجابية نظراً للأسعار المتوقعة في السوق حالياً.

وأمّا في أسواق السلع الأساسية، تأتي أغلب الضغوطات على النفط من أنباء انتشار السلالة الجديدة من الفيروس؛ إذ هبط خام برنت بأكثر من 5.5% خلال ثلاثة أيام ويجري تداوله حالياً تحت حاجز الـ 50 دولاراً أمريكياً للبرميل. وفي حال أسفرت السلالة الجديدة عن فرض تدابير جديدة من الإغلاق وقيود السفر، فسنكون على موعد مع المزيد من الصدمات على المدى القصير. ومع ذلك، تعتمد التوقعات على المدى المتوسط على سرعة توزيع اللقاح ومدى فعاليته. وبحسب الأسعار الحالية، يبدو بأنّ الأسواق قد أخذت الأنباء الإيجابية بعين الاعتبار، وما تزال بحاجة لبعض البيانات القوية لتؤكد الاتجاه التصاعدي فيها.

ومن ناحية أخرى، لا بد من مراقبة الذهب عن كثب أيضاً مع اقترابنا من نهاية العام. وإذا كان مدراء الأصول يطمحون إلى تحقيق بعض الأرباح والحد من المخاطر ضمن محافظهم، فمن المرجح أن يُسجل الذهب زيادة ملموسة في التدفقات خلال الأيام الأخيرة لعام 2020. وبالمُجمل، نبقى متفائلين حيال المعدن الثمين ما دامت الإيرادات الحقيقية مستمرة في تحقيق الخسائر، وهو السيناريو المرجح خلال العام المقبل.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.