انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز500 بواقع 2.2% يوم أمس بعد الارتفاع القياسي الذي حققه يوم الثلاثاء على مدى شهر كامل، ويأتي ذلك في ضوء توقع حدوث المزيد من الخسائر اليوم، لا سيما في ظل ما تؤشر إليه العقود الآجلة من تدني مستوى عمليات التداول الافتتاحية.
ولم تكن الضربة الشديدة التي تلقتها البيانات الاقتصادية بالأمر المفاجئ، لا سيما في ضوء الإغلاق المفروض في كافة أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية، غير أنّ الأرقام الضعيفة للغاية الصادرة يوم أمس تُفسر لنا الدافع وراء عودة المستثمرين إلى الموقف الدفاعي.
وقد انخفضت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بواقع 8.7% خلال مارس، وهو أكبر انخفاض تُسجله على الإطلاق، وأسوأ من التوقعات الوسطية التي تنبأت بتراجع لا يتجاوز 8%. ومن جانبه، وصل النشاط التصنيعي في نيويورك إلى أدنى مستوياته التاريخية عند -78.2%. وفي الوقت ذاته، انكمش الإنتاج الصناعي بنسبة 5.4%، في أضخم انخفاض يتم تسجيله منذ الحرب العالمية الثانية، بينما تلقى مؤشر ثقة بناة المنازل الأمريكية ضربة قوية أيضاً مُسجلاً أضخم هبوط على الإطلاق في شهر أبريل.
وتعكس البيانات السيئة الصادرة يوم الأربعاء أسبوعين من الإغلاق فقط، وتُغطي الفترة اللاحقة لإعلان الرئيس ترامب لحالة الطوارئ الوطنية بتاريخ 13 مارس الماضي. ويُشير هذا إلى أنّ الأثر على النشاط الاقتصادي خلال شهر أبريل سيكون أكثر فداحة، بل وأسوأ مما كانت متوقعاً في السابق.
بات من الواضح أنّ الاقتصاد وصل إلى مرحلة الجمود في اللحظة الراهنة، وأنّه من الصعوبة بمكان أن نعرف على وجه اليقين متى ستبدأ عجلة الاقتصاد بالحركة من جديد. وحتى في حال أعلن الرئيس ترامب عن المبادئ التوجيهية لعملية إعادة فتح الاقتصاد في وقت لاحق اليوم، فما زلنا أمام مخاطرة كبيرة للدخول في جولة ثانية وربما ثالثة من الإغلاقات في حال تسارع انتشار مستويات العدوى بمرض كوفيد-19. وتزيد حالة الغموض هذه من صعوبة مهمة المحللين والخبراء الاستراتيجيين، لا سيما في ظل بقاء العديد من المتغيرات مجهولة وغير قابلة للحساب في نماذج التقييم.
ونُحاول في هذه المرحلة تقييم نوع الركود الذي سنمر به. فلا يعكس تباطؤ معدلات انتشار العدوى بالضرورة حدوث انتعاشة سريعة في النشاط الاقتصادي. فما زلنا في الأسبوع الثالث من شهر أبريل، وقد خسر أكثر من 17 مليون أمريكي وظائفهم بالفعل، بينما نستعد اليوم للمزيد من البيانات السيئة حيال أرقام المطالبات الأسبوعية. ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أن تتراوح أعداد مطالبات إعانات البطالة ما بين 1.4 و8 مليون طلب جديد، ويُعتبر هذا النطاق واسعاً للغاية في مجال التوقعات. وفي حال وصلت الأرقام إلى الطرف الأعلى من التوقعات، فيُمكننا توقع المزيد من الانخفاض في أسعار الأسهم.
ولكن، لا بد أن يُحافظ الدولار على قوته في ظل هذه البيئة؛ إذ سيكون مدفوعاً بنطاق أوسع من أنشطة تفادي المخاطر وليس بقوة الاقتصاد المحلي. وبناءً عليه، فإنّ الدولار في يومنا هذا بالتحديد يزداد قوة كُلما ازدادت البيانات سوءاً.
تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.