كان من المفترض أن تلعب العوامل التي شهدها الأسبوع الماضي مثل إيرادات عمالقة التكنولوجيا واجتماع الاحتياطي الفدرالي بشأن السياسة النقدية وحزمة إعانات كوفيد-19 والبيانات الاقتصادية وتوزيع اللقاحات دور المحرك الرئيسي للأسواق على مدار الأسبوع الماضي. وبدلاً من ذلك، هيمنت المواجهة التي اندلعت بشكل مفاجئ بين المستثمرين الأفراد وصناديق التحوط على السوق، واضعة الجميع أمام تساؤلات حول ما ستؤول إليه هذه المواجهة.
وأصبحت الفضة الهدف التالي للمتداولين الأفراد في أعقاب الهجمات الناجحة ضد البائعين على المكشوف لأسهم شركة غيم ستوب، المختصة بتجارة تجزئة الألعاب الإلكترونية، وغيرها من أسهم الشركات التي تعرضت لعمليات البيع على المكشوف واسعة النطاق مثل إي إم سي ونوكيا وبلاكبيري وبيد باث آند بيوند. وكانت قيمة المعدن الثمين قد ارتفعت إلى 28.99 دولار أمريكي للأونصة خلال التداولات الآسيوية، في معدل هو الأعلى خلال الأشهر الستة الماضية، بينما عادت للارتفاع بنسبة 6% إلى حين إعداد هذا التقرير.
وسجّل أي شير سيلفر تراست، أكبر صناديق الاستثمار المتداولة التي تركز على الفضة في العالم، حركة تدفق ليوم واحد قاربت المليار دولار أمريكي يوم الجمعة، ومن المرجح أن يشهد تدفقاً إضافياً اليوم بالتزامن مع إلمام عدد أكبر من المتداولين بهذا التوجه. وكان العاملون في قطاع تعدين الفضة أكبر المستفيدين من آخر التوصيات الصادرة عن منصة ريديت للمستخدمين، الذين باتوا يُراهنون ضد البنوك الضخمة هذه المرة. غير أنّ استهداف وول ستريت قد يكون في غير محلّه، لا سيما وأنّ غالبية البنوك الضخمة تحتفظ بمواقع بيع على المكشوف في أسواق العقود الآجلة للفضة بغرض حماية مقتنياتها المادية. وفي حال خسرت استثماراتها في عمليات البيع على المكشوف قيمتها، ستعود المكاسب على مقتنياتها المادية؛ وبالتالي، تُعتبر البنوك حيادية في هذا الصدد من منظور الأسعار.
ولن يكون التأثير على أسعار الفضة مهمة بسيطة، كما هي الحال بالنسبة لأسهم الشركات الصغيرة أو المتوسطة. وتتراوح قيمة رأس مال الفضة في السوق ما بين 1.4 و1.6 تريليون دولار الأمريكي بالمقارنة مع 1.5 مليار دولار أمريكي لشركة غيم ستوب قبل أن تصبح هدفاً للمتداولين الأفراد وبقاء جزء أكبر من السوق خارج عمليات التداول. ومع ذلك، سيكون من المثير للاهتمام متابعة قوة صغار المتداولين ومدى قدرتهم على مواصلة رفع الأسعار.
ولا شك بأنّ القوة الجماعية للمتداولين الأفراد قد فاجأت الأسواق، خصوصاً وأنّنا نشهد مثل هذه الظاهرة للمرة الأولى على الإطلاق؛ إذ نجحوا في تغيير قواعد اللعبة على المدى القصير وتسببوا بأضرار كبيرة لصناديق التحوط، التي وجدت نفسها مجبرةً على جمع السيولة النقدية وبيع استثماراتها طويلة الأمد وإغلاق عمليات البيع على المكشوف بخسائر هائلة من أجل استيفاء المتطلبات الهامشية.
وقد يُواجه المتداولون الأفراد الذين يتبعون الاتجاه العام وينضمون إلى هذه التحركات متأخرين قدراً كبيراً من الخسائر وسيتحتم عليهم اتخاذ قرارات أكثر عقلانية في هذا الصدد. وقد تستمر الظاهرة الجديدة لبعض الوقت، غير أنّ استمراريتها ستزيد طرداً من سوء تسعير الأصول، ما قد يتسبب بأضرار كبيرة في السوق الأوسع. وشهد مؤشر ستاندرد آند بورز500 أسوأ أسبوع له منذ أكتوبر الماضي، برغم الأرباح الذي كانت أعلى من التوقعات. وفي ضوء وصول معدلات الإقبال على المخاطر والرافعة المالية إلى مستويات غير مسبوقة، فسيؤدي أي تقليص غير منظم للمديونية إلى عمليات تصفية واسعة في الأسهم الأمريكية والعالمية على حد سواء.
تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.