كان اليورو هذا العام من بين أقوى العملات الرئيسية، إذ سجل ارتفاعاً بنسبة 8% مقابل الدولار حتى الآن. كما استعاد نسبة 14% من الخسائر التي سجلها في مارس. وجاء هذا الارتفاع رغم انخفاض عائدات السندات في الاقتصادات الرئيسية والثانوية، التي كانت فيها السندات البرتغالية المستحقة بعد 10 سنوات آخر من يسجل انخفاضاً إلى ما دون الصفر الأسبوع الماضي.
كما أن إجراءات الإغلاق الأخيرة والنتائج غير المعروفة لاتفاقية بريكست ستفرض ضغوطاً إضافية على النمو الاقتصادي في الربع الأخير من السنة وخلال الجزء الأكبر من النصف الأول لعام 2021. فارتفاع معدل صرف العملة في مثل هذه الظروف من شأنه أن يزيد الضغوط على التضخم ويقلل القوة التنافسية لصادرات الاتحاد الأوروبي. لكن على الصعيد الإيجابي، من المتوقع أن يتم إنتاج اللقاح قريباً رغم أن أثره الإيجابي سيقتصر على المدى الطويل.
وهذا ما يضع البنك المركزي الأوروبي في موقف حرج خاصةً وأن على مجلس المحافظين أن يقرر إما التدخل بكامل قوته وزيادة حزم الحوافز المالية أو اتخاذ خطوات أصغر لمواجهة المخاطر الراهنة. ويُتوقع أن يقوم البنك بزيادة مخصصاته لبرنامج الطوارئ لمشتريات أزمة كوفيد-19 بقيمة 500 مليار يورو إضافية لتصل إلى قيمة إجمالية تبلغ 1.85 مليار يورو. وسيسهم ذلك في الحفاظ على عائدات الاتحاد الأوروبي تحت السيطرة وقد يدفعها إلى الانخفاض قليلاً رغم ارتفاع مستويات الديون. لكن وبغياب أي من أشكال التحكم في منحنى العائدات، فإن المستثمرين على علم بأن الخطوات التي يتخذها البنك المركزي الأوروبي ستؤدي في الواقع إلى النتيجة ذاتها. وهذا ما يحتمل أن يبقي على ظروف تمويل فضفاضة غير أنه لا يكفي لتلبية متطلبات معدل تضخم بنسبة 2% تقريباً. ويعود السبب مجدداً إلى قوة اليورو.
ولا بد للبنك المركزي الأوروبي أن يتخذ خطوات جريئة كي يستطيع دفع اليورو إلى الانخفاض، إذ لن تكفي الخطة المقررة التي يتم تطبيقها لزيادة شراء الأصول بقيمة 500 مليار يورو لكبح قوة العملة. كما أن التدخل الشفهي لخفض سعر الصرف قد يدوم لساعات أو ليومين لكنه ليس حلاً طويل الأمد. ولن تتغير قواعد اللعبة ما لم يحدث خفض مفاجئ على أسعار الودائع وإضافة أكثر من 500 مليار يورو إلى برنامج الطوارئ لمشتريات أزمة كوفيد-19. إلا أن احتمالات حدوث هذا الأمر ضئيلة للغاية، خاصةً وأن صقور البنك المركزي الأوروبي سيتخذون موقفاً حازماً معارضاً لهذه الإجراءات.
وتدرك كريستين لاغارد بأن فرض سياسات إجبارية لن يقدم وحده حلاً من أجل الدفع بمعدل التضخم إلى المستويات المنشودة وبأن هناك حاجةً إلى اتخاذ خطوات شاملة على الصعيد المالي. وهنا تبرز الأهمية البالغة لقمة الاتحاد الأوروبي التي تنطلق اليوم وتستمر ليومين والتي قد تكشف عن إمكانية إطلاق صندوق التعافي والموعد المتوقع لإطلاقه.
يشار إلى أن مصير اليورو خلال الأسابيع القليلة المقبلة معلق بقوى خارجية، إذ إن فشل المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بما يؤدي إلى خروج بريطانيا من الاتحاد دون اتفاق قد يفضي إلى عمليات تصفية واسعة على صعيد اليورو مقابل الدولار الأميركي، لكن بالطبع ستكون عمليات التصفية أكثر حدةً على صعيد الجنيه الإسترليني. كما أن صدور حزمة تحفيز اقتصادي أصغر من المتوقع في الولايات المتحدة قد يعد عاملاً آخر، لكنه أثره سيكون أضعف. أما العامل الثالث فقد يرجع إلى استئناف عمليات التصفية في أسواق الأسهم العالمية مدفوعةً بأسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية، كما رأينا يوم أمس. لكن أي إشارة إلى وجود عمليات تصحيح أكثر حدة في أسواق الأسهم ستؤدي على الأرجح إلى إعطاء دفعة للدولار الأمريكي.
تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.