واجهت الأسواق صباح اليوم موجة جديدة من تفادي المخاطر بعد إغلاق بورصة وول ستريت بتراجع تجاوز 20% خلال الليل وارتفاع عائدات سندات الخزينة لأعلى مستوياتها منذ أكثر من عقد مضى. وازدادت مخاوف المستثمرين بشأن دخول الاقتصاد الأمريكي لحالة من الركود الاقتصادي نتيجة لتوجه الاحتياطي الفدرالي لرفع أسعار الفائدة بشكل كبير، لا سيما مع تزايد المخاوف بشأن ارتفاع التضخم. ويُواصل هذا السيناريو تعزيز موقف الدولار الأمريكي، بينما يضغط على الذهب الذي تراجع بواقع 2.8% يوم الاثنين، بحيث يتم تداوله ما دون 1830 دولار للأونصة.
وسجّلت العقود الآجلة للأسهم الأوروبية والأمريكية أداءً إيجابياً يُشير إلى إمكانية تعويض الأسهم للخسائر التي تكبّدتها اليوم. ومع ذلك، قد يجد المضاربون على ارتفاع الأسعار أنفسهم أمام مرحلة عصيبة نتيجة تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز500 نحو النطاقات السالبة مُجدداً. ويُرجّح أن تُسفر المخاوف المتعلقة بالتضخم والركود إلى زيادة أجواء الحذر في الأسواق العالمية بالتزامن مع انخفاض مستويات الإقبال على أصول المخاطر.
ويترقب المستثمرون مجموعة كبيرة من البيانات الاقتصادية المرتقبة من أبرز الاقتصادات العالمية على مدار الأسبوع. وتُشير التوقعات إلى أنّ نتائج استبيان زد دبليو إي الألماني لثقة المستثمرين، المرتقبة في وقت لاحق صباح اليوم، قد تُظهر آفاقاً أقلّ تشاؤماً بشأن اقتصاد الدولة. وسيكون اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفدرالية حول أسعار الفائدة يوم الأربعاء واحداً من أبرز الأحداث المرتقبة، إلى جانب اجتماعي بنك إنجلترا واليابان المرتقبين يومي الخميس والجمعة، على الترتيب.
هيمنة الدولار الأمريكي قُبيل اجتماع الاحتياطي الفدرالي
استهل الدولار الأمريكي الأسبوع بأداءٍ قوي على خلفية تقييم المستثمرين لبيانات التضخم الخطيرة للغاية الصادرة يوم الجمعة الماضي وآخر التطورات بشأن أزمة كوفيد-19 في الصين. وتسارعت مستويات التضخم في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع مُسجلة 8.6% الشهر الماضي، ما ألقى بظلاله السلبية على الآمال بوصول الأسعار إلى ذروتها. وأسفر هذا التطور عن اضطراب الأسواق وازياد المخاوف حيال توجه الاحتياطي الفدرالي نحو اعتماد زيادة كبيرة في أسعار الفائدة. وحافظ الدولار على مستويات الطلب القوية جراء ترقب المتداولين لإمكانية اعتماد الاحتياطي الفدرالي لزيادة بواقع 75 نقطة أساس في أسعار الفائدة خلال الأسبوع الجاري.
وتبقى التوقعات الاقتصادية والجداول البيانية والمؤتمر الصحفي المرتقب لرئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بعد الاجتماع من أبرز الأحداث التي تترقبها الأسواق يوم الأربعاء. وسيجد المضاربون على ارتفاع سعر الدولار الأمريكي أنفسهم في موقف قوي في حال أعرب باول عن دعم مساعي كبح جماح التضخم فيما يُشير إلى توجه الاحتياطي الفدرالي للحفاظ على منهجيته القوية حيال أسعار الفائدة. فيما قد تهدأ التكهنات بشأن أسعار الفائدة وتحد من المكاسب التصاعدية للدولار في حال قرّر رئيس الاحتياطي الفدرالي اعتماد لهجة حذرة في هذا الصدد.
استقرار أسعار النفط خلال المرحلة الراهنة
حافظت أسعار النفط على استقرارها عند صباح الثلاثاء بالتزامن مع تقييم الجهات الفاعلة في السوق لآفاق نقص العرض وآخر تطورات أزمة كوفيد-19 في الصين. وقد يفقد المضاربون على ارتفاع أسعار النفط زخمهم في حال أسهمت مخاوف الركود الاقتصادي وقيود كوفيد-19 الجديدة في الصين على آفاق الطلب وألقت بظلالها على الإمدادات العالمية الشحيحة. وتُشير التوقعات إلى أنّ أسعار النفط قد تتأثر في المرحلة المقبلة بالبيانات الأسبوعية للمخزون الأمريكي الصادرة عن معهد البترول الأمريكي يوم الثلاثاء وعن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية يوم الأربعاء. وستكون الأسواق أمام مرحلة مثيرة للاهتمام خلال الأيام المقبلة، لا سيما في ضوء بقاء السلع الأساسية العالمية عرضة للتجاذبات الناجمة عن مجموعة من القوى المختلفة.
وبالنظر إلى الناحية الفنية، يُمكن للزخم التصاعدي أن يُعيد الأسواق مُجدداً نحو مستويات لم تشهدها الأسواق منذ مارس 2022 عند حوالي 130 دولار للبرميل، علماً أنّه من شأن أيّ تراجع لما دون 118 دولار للبرميل أنّ يدفع نحو عملية تصفية تصل بالنفط لمستوى 110 دولار للبرميل.
لمحة على السلع الأساسية – الذهب
تراجع الذهب بحوالي 3% نظراً لتقييم المستثمرين لإمكانية اعتماد الاحتياطي الفدرالي لزيادة بواقع 75 نقطة مئوية في أسعار الفائدة على خلفية بيانات التضخم الخطيرة للغاية التي شهدناها الجمعة الماضية. وواجه المعدن الثمين أداءً قوياً للغاية من الدولار المرتفع والعائدات المتزايدة لسندات الخزينة، مع تداول أسعاره عند مستويات تقارب 1830 دولار للأونصة عند تاريخ كتابة هذا التقرير. وقد يواجه الذهب مزيداً من المصاعب يوم الأربعاء، لا سيما في حال قرّر جيروم باول اعتماد لهجة داعمة لتدابير كبح جماح التضخم أو صدرت عنه أيّ مؤشرات بشأن توجه الاحتياطي الفدرالي للحفاظ على منهجيته القوية حيال رفع أسعار الفائدة.
ونرى من خلال النظر إلى الجانب الفني بأنّ الأسعار يتم تداولها ما دون المتوسط المتحرك البسيط لـ 50 و100 و200 يوم، بينما يجري تداول تقارب/تباعد متوسط السعر ما دون الصفر. وقد يُؤشر إغلاق التداولات اليومية تحت حاجز الـ 1800 دولاراً للأونصة إلى وجود انخفاض جديد نحو أدنى المستويات المسجلة مؤخراً عند 1765 دولار. وأمّا في حال تبيّن بأنّ مستوى الـ 1850 دولاراً للأونصة يُشكّل مستوى موثوقاً من الدعم، فقد نكون على موعد مع زيادة باتجاه 1870 أو 1900 دولاراً للأونصة.
تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.