استهلت الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة للأسهم الأمريكية تداولاتها ضمن النطاقات السالبة صباح يوم الثلاثاء برغم الارتفاع الذي سجّلته بورصة وول ستريت خلال الليل. وساد التوتر في أوساط المستثمرين هذا الصباح، ما دفعهم لاعتماد منهجية وقائية حيال المخاطر وسط المخاوف بشأن الآفاق الاقتصادية العالمية ومستويات التضخم. وطغت هذه الأجواء السلبية على التفاؤل الذي لمسناه يوم أمس نتيجة لتعليقات الرئيس الأمريكي جو بايدن حول إلغاء العمل ببعض الرسوم المفروضة على الواردات الصينية. وكان التحذير الذي صدر خلال الليل، بشأن ترجيح عدم قُدرة شركة سناب على تحقيق تطلعاتها من حيث الإيرادات والأرباح، قد عزز توجه العزوف عن المخاطر وأسفر عن انخفاض إضافي في قيمة العقود الآجلة الأمريكية.
ومن جهة أخرى، تُشير التوقعات إلى أنّ الأسواق الأوروبية ستفتح جلسات التداول بوتيرة أهدأ في ظلِّ التوجهات السلبية للسوق التي تدفع المستثمرين نحو أصول الملاذ الآمن. أمّا في مجال العملات، فقد حافظ اليورو على مكاسبه عند أعلى سعر وصل له منذ حوالي شهر واحد جرّاء التوقعات برفع البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة في شهر يوليو المقبل. ومن جانبه، توجه الدولار بصفته ملاذاً آمناً نحو تحقيق قدر من الاستقرار بالتزامن مع تداول الذهب عند مستوى يُقارب الـ 1855 دولار للأونصة.
ومن المنطقي القول بأنّ توجهات السوق ما زالت هشّة، لا سيما في ضوء التقلبات في مستويات التضخم، والمخاوف بشأن النمو العالمي، وحالات الإغلاق الناجمة عن كوفيد-19 في الصين، والمخاطر الجيوسياسية المستمرة، والقلق الناجم عن طبيعة السياسة التي قد يعتمدها الاحتياطي الفدرالي. وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز500 الأسبوع الماضي لفترة وجيزة بنسبة لا تقل عن 20% عن أعلى المستويات التي سجّلها مؤخراً. وقد يجد هذا المؤشر الرئيسي نفسه مُجدداً في "المنطقة الحمراء" النفسية في حال بقي الحذر طاغياً على تحركات السوق على مدى الأيام القليلة المُقبلة.
وفيما يتعلق بالبيانات، سيوجه المستثمرون اهتمامهم نحو بيانات مؤشر مديري المشتريات لمنطقة اليورو والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وقد تُقدّم هذه التقارير أولى الدلائل الرئيسية حول مدى قوة الاقتصاد في شهر مايو في خضم المخاطر الجيوسياسية ومخاوف التضخم والنمو. ومن ناحيتها، يُمكن لبيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر مايو أن تُوفر معلومات قيّمة حول تداعيات تطورات الأزمة الأوكرانية الروسية وحالات الإغلاق في الصين على سلاسل التوريد والضغوط التضخمية المتنامية.
هل يعود المضاربون على ارتفاع قيمة اليورو إلى المشهد مُجدداً؟
استفادت توجهات شراء اليورو من دفعة إيجابية قوية يوم أمس بعد أن سلّطت كريستين لاغارد، رئيس البنك المركزي الأوروبي، الضوء على التوقعات بشأن توجه البنك إلى رفع أسعار الفائدة في يوليو وسبتمبر المقبلين. ومن ناحيتها، تحسّنت توجهات سوق الأعمال في ألمانيا بشكل غير متوقع خلال شهر مايو.
ومع ذلك، ما زال البنك المركزي الأوروبي مُتخلفاً عن ركب الاحتياطي الفدرالي، الذي من المتوقع أن يرفع أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس خلال اجتماعيه المقبلين في يوليو وسبتمبر. وبالنظر إلى ما قام به الاتحاد الأوروبي مؤخراً من حيث تقليص توقعاته للنمو الاقتصادي بنتيجة المخاطر الجيوسياسية المستمرة والاضطرابات في إمدادات الطاقة، قد يُسفر هذا الإجراء عن إعاقة الاتجاه التصاعدي لليورو.
ومن الناحية الفنية، يبدو بأنّ زوج العملات اليورو / الدولار الأمريكي يمر بمرحلة من التعافي الفني على الجداول البيانية اليومية، لا سيما مع تداول الأسعار فوق مستوى الـ 1.0640. ويبقى السؤال الأهم فيما إذا كان التحرك الحالي يُعد توجهاً تصاعدياً نحو مستويات أعلى أم مُجرد تعافٍ وجيز ومؤقت في الأسعار. وتجدر الإشارة إلى أنّ أيّ ارتفاع فوق حاجز الـ 1.0750 قد يفسح المجال أمام زيادة جديدة نحو 1.0850. بينما سيتراجع اليورو مُجدداً نحو مستوى 1.0500 في حال لم يُثبت مستوى 1.0640 جدارته كمستوى موثوق للدعم.
لمحة على السلع الأساسية – النفط
واجهت أسعار النفط ضغوطاً يوم الثلاثاء لتتراجع بأكثر من 1% في ضوء إسهام المخاوف بشأن النمو العالمي والقيود التي تفرضها الصين بسبب كوفيد-19 في تأجيج المخاوف بشأن آفاق جانب الطلب العالمي.
وتزامنت عملية التصفية مع مُحاولة الصين للتخفيف من وطأة حالات الإغلاق من خلال تمرير مجموعة من تدابير التحفيز الرامية إلى دعم الشركات ودعم جانب الطلب. ويُرجّح أن تستمر حالة التقلب في سوق السلع الأساسية حول العالم نظراً للعديد من العوامل المؤثرة على ديناميكيات العرض والطلب. وعلى الصعيد الجيوسياسي، يجد مُقترح الاتحاد الأوروبي بشأن حظر واردات النفط الروسية نفسه أمام طريق مسدودة بسبب معارضة هنغاريا، ومن غير المُرجح أن تجري المصادقة على هذه الخطوة عند اجتماع قادة دول الاتحاد الأسبوع المقبل.
يحافظ سعر خام غرب تكساس الوسيط حضوره عند مستوى 110 دولار للبرميل، علماً أنّه من شأن أي هبوط طويل الأمد لما دون هذا المستوى أنّ يدفع للمزيد من التراجع نحو 105 وحتى 100 دولار للبرميل.
لمحة على السلع الأساسية – الذهب
قد يواجه الذهب العديد من التقلبات خلال الأيام القليلة المقبلة. وتستمر العديد من العوامل الرئيسية في التأثير على أسعار الذهب وتحدد آفاقها على المدى القصير والطويل. وتشمل هذه العوامل نقاطاً مثل مخاوف الركود وتقلبات التضخم وتطورات الأزمة الأوكرانية الروسية وأزمة كوفيد-19 في الصين وتوقعات رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفدرالي. وبرغم ارتفاع في قيمة الذهب، قد تُسفر المنهجية المتشددة للاحتياطي الفدرالي بشأن رفع أسعار الفائدة عن إعاقة صعود المعدن الثمين صفري العائدات. ومن الناحية الثانية، قد تؤدي التطورات بشأن الأزمة الأوكرانية الروسية ومخاوف النمو العالمي إلى التخفيف من وطأة الخسائر الهبوطية للذهب.
ونجد من الناحية الفنية بأنّ أيّ صعود فوق حاجز الـ 1855 دولار للأونصة يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع جديد نحو 1885 وحتى 1900 دولار للأونصة. بينما نرى بأنّ استمرار الأداء الضعيف للذهب دون حاجز ال 1855 دولار للأونصة يُعتبر نقطة بداية لمزيد من الهبوط نحو مستويات قد تصل إلى 1820 و1800 دولار للأونصة.
تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.