تنفس المستثمرون والأسواق المالية الصعداء بشكل جماعي بعد الأنباء الأخيرة التي أفادت أن الولايات المتحدة قد اقترحت عقد جولة جديدة من المحادثات التجارية مع الصين. وقد أعقب ذلك بقليل نشر أنباء عن أن الولايات المتحدة وكندا يقتربان من التوصل إلى اتفاق بشأن التجارة، مما شجع الدولار الأمريكي على الانخفاض أمام نظرائه.
ويذكر أن التوترات التجارية تعتبر منذ وقت طويل العامل المحفز وراء ارتفاع الدولار الأمريكي، ويجري النظر إلى المؤشرات التي تفيد بأن إدارة ترامب لا تسعى إلى حدوث توترات تجارية كما كان يخشى من قبل باعتبارها أمرًا سلبيًا للدولار الأمريكي. وقد ارتفع اليوان الصيني بفضل أنباء سعي الولايات المتحدة لاستئناف محادثات التجارة مع بكين، كما ارتفعت مجموعة من عملات الأسواق الناشئة الأخرى في آسيا بعد استفادتها من زيادة الإقبال على المخاطرة.
وصحيح أن هذه ليست المرة الأولى التي يسود فيها شعور بالتفاؤل حول المفاوضات بين واشنطن وبكين والتي شهدت في وقت لاحق تصاعدًا في التوترات التجارية بين الجانبين، ولكن المستثمرين يريدون التمسك بتفاؤلهم بأن البلدين سوف يتوصلان في نهاية المطاف إلى اتفاق حول هذه المسألة التي طال أمدها. وتعتبر المحادثات بوجه عام خطوة إيجابية حيث تشير إلى أن كلا الجانبين يريدان نزع فتيل التوترات بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
وهناك عامل آخر يمكن أن يشجع الدولار الأمريكي على الهبوط وهو البيانات المخيبة للتوقعات لتقرير مؤشر أسعار المنتجين والتي أضعفت توقعات رفع أسعار الفائدة الأمريكية في شهر ديسمبر المقبل. ومع ذلك فإن التوترات التجارية ستظل هي العامل الرئيسي المحدد لمسار الدولار الأمريكي على المدى المتوسط إلى الطويل. فأي علامات على التفاؤل في المستقبل بشأن التجارة سينظر إليها باعتبارها عاملا مشجعًا على تجديد معنويات الإقبال على المخاطرة وتحفز المستثمرين على وجه التحديد على تقليل حيازاتهم من أصول الملاذ الآمن على حساب الدولار الأمريكي.
وبعيدًا عن أنباء محادثات التجارة التي طال أمدها، ستحتل البنوك المركزية صدارة الاهتمام اليوم، حيث ستسلط الأضواء على اجتماعات البنك المركزي البريطاني والبنك المركزي الأوروبي والبنك المركزي التركي.
وعلى الرغم من أنه من المتوقع على نطاق واسع أن يبقي البنك المركزي الأوروبي على سياسته النقدية كما هي بدون تغيير في اجتماعه اليوم، ولكن الأسواق تتكهن بأن يقوم البنك بخفض لتوقعاته للنمو وسط التوترات التجارية العالمية. وربما لن يكون الخفض المحتمل لتوقعات النمو كافيًا لإثناء البنك المركزي الأوروبي عن رغبته في الخفض التدريجي لبرنامج التيسير الكمي، ولكنه يمكن أن يؤثر على هدف البنك المركزي الأوروبي بالبدء في رفع أسعار الفائدة قبل نهاية عام 2019. وسيتابع أطراف السوق باهتمام شديد المؤتمر الصحفي لرئيس البنك المركزي الأوروبي والذي سيعقد بعد ظهر اليوم للحصول على المزيد من المعلومات حول توقيت رفع سعر الفائدة ورؤيته لأخر المستجدات بشأن التجارة العالمية.
وفي بريطانيا، يتأهب البنك المركزي البريطاني لاتخاذ قراره بالإبقاء على أسعار الفائدة كما هي بدون تغيير في ظل أن محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست) تعطي قوة دافعة. وسينظر المستثمرون باهتمام شديد إلى بيان السياسة لمحاولة معرفة متى يخطط البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى. وعلى الرغم من أن نمو الأجور بشكل أقوى من التوقعات قد رسم صورة مشجعة للاقتصاد البريطاني، ولكن ذلك من غير المحتمل أن يغير توقعات البنك المركزي البريطاني بشأن السياسة النقدية. ومن المرجح بشكل كبير أن يظل البنك في حالة من الترقب حتى تنقشع غيوم غموض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد يلاحظ بعض القلق من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نفسه ما يزال مسألة غير مؤكدة على الرغم من أنه من المفترض أنه لم يتبق من الزمن سوى ستة أشهر فقط حتى تكون بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي.
ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن يقوم البنك المركزي التركي اليوم برفع أسعار الفائدة في محاولة لإنعاش الليرة المحطمة. ويبدو أن المستثمرون قد قاموا بتسعير رفع سعر الفائدة خلال الأسابيع الأخيرة. ومع ذلك فإن هناك مخاطرة كبيرة تتمثل في أنه حتى في حالة قيام البنك المركزي التركي بذلك اليوم كما هو متوقع، يمكن أن يروج المستثمرون لمسألة أن أسعار الفائدة ليست مرتفعة بالقدر الكافي لمنع استمرار المخاطر التي يتأهب الاقتصاد التركي لمواجهتها.
وهناك مزيج سام يمثل حجر عثرة أمام الليرة التركية، ويتكون هذا المزيج من عدم الاستقرار السياسي والارتفاع القياسي لمعدلات التضخم وزيادة عجز الحساب الجاري والشكوك حول استقلالية البنك المركزي. وقد تعرضت الليرة التركية للهجوم من جميع الاتجاهات هذا العام وفي ظل أن الموضوعات الأساسية الرئيسية المؤثرة على العملة من غير المحتمل أن تختفي، ما تزال هناك مخاطر تنتظر العملة في الفترة المقبلة.
تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.